time GMT

الجمعة، 8 يونيو 2012

التربية الفنية بالتعليم الابتدائي .



التربية الفنية مادة دراسية، كما هو معلوم، مثل المواد الأخرى المقررة في المدرسة المغربية .
وكما أن مناقشتها، يمكن أن تـُثريَ ثقافتنا التربوية وتـُعزّز تجربتنا العملية، فكذلك يمكن أن تكون من بين المواضيع المطروحة في الامتحانات المهنية، على المستوى التربوي العام، أو على مستوى ديداكتيك المواد .


التربية الفنية في المدرسة المغربية،مهمشة،وتستغل حصصها لتدارك الثغرات الحاصلة في المواد الاساسية(التعبير والقراءة والرياضيات والانشطة الكتابية.)
*ان الاساتذة لا يعتنون بالمادة العناية التي تستحقها،فمجموع الحصص الاسبوعية للمادة يتجاوز اربع حصص،ولا يقدم منها الاستاذ سوى حصة واحدة وبطريقة عشوائية،لا يحترم فيها منهجية المادة،كان يطلب من المتعلمين اخذ الكراريس، ورسم ما يشاءون.
*ان لمادة التربية الفنية دورها التربوي والتثقيفي الى جانب المواد الاخرى:
-تنمية الذوق الفني والجمالي للمتعلم.
-اكسابه القدرة على التعبير باسلوب تشكيلي وفني عن افكاره وارائه.
-تهذيب مشاعره واحاسيسه،وتغيير نظرته للاشكال والالوان من حوله...
لهذا علينا ان نعير هذه المادة الاهتمام الذي تستحقه،والسهر على تطوير مكتسباتنا في المادة نحو تقديم افضل لحصصها.
فالاستاذ فنان بالدرجة الاولى،وعليه ان يبحث عن الفنانين الصغار في فصله وذلك بمنحهم فرص التعبير عن ميولاتهم وهواياتهم من خلال الحرص على تقديم الحصص الاسبوعية المخصصة للمادة.


ما الذي يجعل المادة مهمشة في مدارسنا؟
ــ أهو التكوين الأساسي الناقص في المجال؟
ــ أهو الاستهانة بالمادة وعدم إدراك أهميتها في المنهاج، وفي تكوين شخصية المتعلم؟
ــ أهي عدوى النظرة الدونية للفنون عامة في المجتمع، تصيبنا في الفصول ؟
ــ وما معنى تقسيم المواد إلى أساسية وغير أساسية؟
ــ هل للمعينات التربوية وفضاءات التعليم دخل في مسألة التهميش ؟


اسباب عديدة،تقف امام تألق مواد التفتح عموما في المدرسة المغربية.
*بالفعل تنطبق النظرة التقصيرية للفنون في المجتمع المغربي على ممارسة الاساتذة،الذين نجدهم يصنفون المادة الى مادة ثانوية:اي مادة ترفيهية،أو تكميلية،كما شئت استاذي.
*كما يؤدي غياب المعدات والتجهيزات، التي تضمن السير الفني للحصة، إلى تهميش العديد من المدرسين لها.
-كغياب معدات الرسم،وافتقار المتعلمين لابسط الادوات:أقلام الرصاص،والملونات...
-الاكتظاظ الذي يتنافى مع طبيعة المادة.وغيرها.0
*كما يجد بعض الاساتذة صعوبات في تدريس المادة،بدعوى عدم إلمامهم بها، وضعف ميولهم الفني.
*وفي هذا الإطار يطالب هؤلاء بأساتذة متخصصين في المادة.
والحقيقة أنني أؤيد هذا المطلب لمشروعيته؛فمن جهة،فاقد الشيء لا يعطيه.ومن جهة ثانية ومن باب الإعتراف بأهمية المادة في المنهاج الدراسي،يستحسن تعيين أستاذ خاص بالمادة، وملم بها،لضمان استفادة المتعلمين من حصصها.


فحتى على المستوى الرسمي هناك اضطراب في تعداد مكونات الوحدة، وغياب لمنهاج بعض تلك المكونات وكتابِها المدرسي (المسرح المدرسي مثلا) .
غير أن كل ذلك لا يمنع، حين تُدرك أهمية التربية الفنية والجمالية في تكوين شخصية المتعلم (المحب للنظام وحسن الترتيب والتنسيق، المتذوق للجمال في كل تمظهراته الحسية والمعنوية، التواق لكل معاني الجمال في قيم الخير والعدل والسلم والإخاء ومحبة الإنسانية...) ، وفي إرهاف الذوق الجمالي في المجتمع بشكل عام ،لا يمنع أن نبذل كمربين ممارسين، جهودا محمودة (حسب ما نستطيع) لجعل المادة مادة ذات إشعاع في المنهاج والمؤسسة التعليمية.


هنا تذكير ببعض الأهداف والكفايات المتوخاة من التربية الفنية بالمدرسة الابتدائية .
"التربية الفنية أنشطة تعليمية تساهم في تنمية شخصية المتعلم"، تقول التوجيهات التربوية الرسمية التي واكبت إصلاح 1985. ومن بين الأهداف التي سُطرت لها، رسميا، آنذاك بالتعليم الابتدائي :
ــ توظيف عالم الخيال عند المتعلمين في التعبير والتذوق الفني .
ــ تنمية التذوق الفني لديهم .
ــ تربية الحواس، وعلى الخصوص ما يتعلق باللمس والبصر والسمع .
ــ استخدام المواد والأدوات والتقنيات الفنية قصد التعبير والإبداع
ــ تنمية القدرة على التواصل .
ــ تربية المتعلم على إدراك مواطن الجمال في البيئة المحلية وأثرها في حياة الفرد والجماعة .
ــ توظيف الحركة لدى المتعلم وجعلها وسيلة لاكتساب المعرفة والخبرة والتفتح العقلي، ولتنمية قدرات الذكاء من جهة، وجعلها وسيلة للتعبير والتواصل من جهة أخرى .
ــ تنمية القدرة على الملاحظة والوصف والأداء والإبداع .
ــ التعرف على الجانب الجمالي في الطبيعة وفي الأعمال الفنية عن طريق المشاهدة والاستئناس بها...
ـــــــــــــــــــــــ
أما توجيهات الإصلاح الحالي (بعد تبني الميثاق الوطني للتربية والتكوين)، فتتحدث عن أن مكونات وحدة التربية الفنية والتفتح "تكتسي أهمية قصوى، تستمد مشروعيتها من حب الأطفال لها، واهتمامهم الزائد بها، لأنها تنطلق من ميولاتهم ورغباتهم في اللعب والرسم والتلوين والطي والتقطيع والتزيين والتصنيف والإنشاد والمحاكاة وتقمص الأدوار وتقليد الأفراد المتواجدين في محيطهم الأسري والتربوي المدرسي" .
ومن الكفايات المحددة للوحدة في نفس التوجيهات:
ــ" الاكتشاف عبر الملاحظة والتلمس والتجريب .
ــ التعبير والابتكار .
ــ التذوق الجمالي، عبر التعبير والتعليق الشفوي .
ــ تنمية القدرة على التحكم في الحركة والملامح، وبعض أعضاء الجسد .
ــ المبادرة والإنتاجية .
ــ التعامل الإيجابي مع التراث الثقافي والحضاري .
ــ احترام البيئة الطبيعية والمحافظة عليها ".

على مستوى خطاب التوجيهات، هناك إذن، إدراك رسمي لأهمية التربية الفنية ، إلا أن الواقع يبين عدم ترجمة كل مظاهر ذلك الإدراك إلى فعل ملموس ، مما يسهم في تهميش الوحدة وإهمالها .

0 التعليقات:

إرسال تعليق