time GMT

الجمعة، 1 يونيو 2012

مفهوم الحياة المدرسية





1- تعريف الحياة لغة واصطلاحا: 


الحياة لغة: جاء في لسان العرب لابن منظور "حي حياة وحي يحيا ويحي فهو حي ...والجمع أحياء والحي : كل متكلم ناطق" [1] 
واصطلاحا: "الحياة المدرسية هي مؤسسة اجتماعية وتربوية، تقوم بتربية النشء وإكسابهم مهارات وكفايات متعددة ومتنوعة، وتنمية وصقل مواهبهم وملكاتهم، لتسهيل اندماجهم في مجتمعهم وتكيفهم معه،ومن تم فهي مدعوة قبل غيرها، لأن تكون منفتحة باستمرار على محيطها باعتماد نهج تربوي قوامه استحضار المجتمع في صلب اهتماماتها،الأمر الذي يستدعي دعم تفاعلها مع المجالات المجتمعية والثقافية والاقتصادية، لتكون بحق مرآة متجددة لمعالم مجتمع الغد" [2] 
و تنص المادة التاسعة من القسم الأول من الميثاق على هوية مدرسة جديدة ،هي مدرسة الحياة أو الحياة المدرسية التي ينبغي أن تكون حسب الميثاق:

" مفعمة بالحياة ، بفضل نهج تربوي نشيط، يتجاوز التلقي السلبي والعمل الفردي إلى اعتماد التعلم الذاتي، والقدرة على الحوار والمشاركة في الاجتهاد الجماعي"[3] 
"
مفتوحة على محيطها بفضل نهج تربوي قوامه استحضار المجتمع في قلب المدرسة، والخروج إليه منها بكل ما يعود بالنفع على الوطن، مما يتطلب نسج علاقات جديدة بين المدرسة وفضائها البيئي والمجتمعي والثقافي والاقتصادي" [4] 
ويتبين لنا من خلال الميثاق الوطني للتربية والتكوين أنه جاء سعيا وراء الانتقال من الحياة المدرسية المتسمة بالوثائق والانغلاق على النفس، وتلقين المعارف وحشو الرؤوس بالأفكار ومحتويات المقررات والبرامج السنوية، وإهمال التنشيط المدرسي، إلى حياة مدرسية متسمة بالنشاط ، ويتوفر فيها المناخ التعليمي/ التعلمي [5] [6] 
القائم على مبادئ المساواة والديمقراطية والمواطنة , حياة مدرسية متميزة بالفعالية والحرية والاندماج الاجتماعي ، تثير في المتعلم مواهبه وتخدم ميولاته وتكون شخصيته وتنشطها نشاطا تلقائيا وحرا في وسط اجتماعي قائم على التعاون لا على الإخضاع [7] 
ومن هذا المنظور ، يمكن النظر إلى الحياة المدرسية باعتبارها إطارا لتنمية شخصية المتعلم ومواهبه وكفاياته، من زاويتين متكاملتين ومتميزتين عن حياته العامة التي يعيشها في مؤسسات خارجية موازية للمدرسة :

• "الحياة المدرسية باعتبارها مناخا وظيفيا مندمجا في مكونات العمل المدرسي،يستوجب عناية خاصة ضمانا لتوفير مناخ سليم وإيجابي ، يساعد المتعلمين على التعلم، واكتساب قيم وسلوكات بناءة ، وتتشكل هذه الحياة من مجموع العوامل الزمانية والمكانية, والتنظيمية، و العلائقية ، والتواصلية ، والثقافية، والتنشيطية المكونة للخدمات التكوينية والتعليمية التي تقدمها المؤسسة للتلاميذ.

الحياة المدرسية باعتبارها حياة اعتيادية يومية يعيشها المتعلمون أفرادا وجماعات داخل نسق عام منظم, ويتمثل جوهر هذه الحياة المعيشة داخل الفضاءات المدرسية في الكيفية التي يحيون بها تجاربهم المدرسية ، وإحساسهم الذاتي بواقع أجوائها النفسية والعاطفية" [8] 
ويبقى المفهوم الحقيقي للحياة المدرسية ، "هي تلك الحياة التي تقدم للنشء في المؤسسات التعليمية ، باعتبارهم أشخاصا ومتعلمين قصد تنشئتهم الشخصية وتعليمهم وتربيتهم، في جميع الأوقات( أوقات التحصيل الدراسي ، أوقات الاستراحة ، أوقات الوجبات الغذائية...) والأماكن ( الفصول الدراسية، الساحة ،الملاعب الرياضية...) من خلال جميع الأنشطة المبرمجة( الدراسية منها، والاجتماعية، والرياضية، والثقافية، والفنية...) مع ضمان لمشاركة الفعلية والفعالة لكافة الفرقاء المعنيين( متعلمون, مدرسون, إدارة تربوية, أطر التوجيه التربوي, آباء, شركاء المؤسسة...) قصد تحقيق تربية أساسها تعدد الأبعاد والأساليب والمقاربات والمتدخلين ضمن رؤية شمولية وتوافقية وموحدة بين جميع الفاعلين والمتدخلين في المنظومة التربوية" [9] 
والحياة المدرسية كذلك ، هي تلك الحياة التي تسعد التلميذ وتضمن له حقوقه وواجباته وتجعله مواطنا صالحا، وهي من هذا المنظور مؤسسة المواطنة والديمقراطية ، 

والحداثة، والاندماج الاجتماعي ،/ والابتعاد عن الانعزال والتطرف والانحراف .

2- أدوار الحياة المدرسية ومقوماتها:

بالنظر للارتباط الوثيق بين الحياة المدرسية والحياة العامة، وما يفرضه ذلك من تفاعل وتجاوب مع مختلف المتغيرات الاقتصادية ، والقيم الاجتماعية، والتطورات المعرفية والتكنولوجية ، فعلى المدرسة أن تنهض بأدوارها ومهامها التربوية والمؤسساتية والتنظيمية والاجتماعية بالارتكاز على عدة مقومات.

ومن بين هذه الأدوار هناك:

• "تشجيع القدرة على التحليل والتفكير والنقد اعتمادا على أسس وقواعد ديمقراطية حقيقية ، والعمل على أن تكون حظوظ المتعلمين متساوية، ذلك أن نجاح الشباب في حياتهم التعليمية يؤسس هويتهم الاجتماعية والمهنية، وبالتالي فإن فشلهم يضاعف مخاطر التهميش، والإقصاء" [10] 
"•
التربية على الممارسة الديمقراطية وتكريس النهج الحداثي والديمقراطي.

النمو المتوازن عقليا ونفسيا ووجدانيا.

تنمية الكفايات [11] و المهارات[12] 

والقدرات لاكتساب المعارف ، وبناء المشاريع الشخصية" [13] 
"•
تكريس المظاهر السلوكية الايجابية ، والاعتناء بالنظافة و الهندام، وتجنب ارتداء أي لباس يتنافى والذوق العام، والتحلي بحسن السلوك أثناء التعامل مع كل الفاعلين في الحياة المدرسية.

الاستمتاع بحياة التلمذة، وبالحق في عيش مراحل الطفولة والمراهقة والشباب من خلال المشاركة الفاعلة في مختلف أنشطة الحياة المدرسية وتدبيرها..." [14] 

"• تنشيط المؤسسة ثقافيا وعلميا ورياضيا وفنيا وإعلاميا.

الاعتناء بكل فضاءات وتجهيزات المؤسسة وجعلها قطبا جذابا وفضاء مريحا.

انفتاح المؤسسة على محيطها الاجتماعي والثقافي والاقتصادي...." [15] 

أما المقومات فتجلى في :

"• جعل المتعلم في قلب الاهتمام والتفكير والفعل.

جعل المدرسة فضاء خصبا يساعد على تحرير الطاقات الإبداعية واكتساب المواهب في مختلف المجالات.

تنشيط المؤسسة ثقافيا وعلميا ورياضيا وفنيا وإعلاميا.

جعل الحياة المدرسية عامة, والعمل اليومي للتلميذ خاصة مجالا للإقبال على متعة التحصيل الجاد من خلال الاعتناء بجمالية الفضاءات والتجهيزات. 
الاعتناء بكل فضاءات المؤسسة وجعلها قطبا جذابا وفضاءا مريحا .

اعتماد المقاربة التشاركية ومقاربتي الجودة والتقييم .
اعتماد التدبير بالنتائج والتدبير بالمشاريع" [16] 
إذن فالحياة المدرسية تؤسس مجتمعا ديمقراطيا حرا، ومؤسسة مسؤولة في صنع القرار وتحمل المسؤولية ، قصد الدخول في رهان التنمية ، تنمية قدرات الإنسان المغربي في جميع الجوانب.

والميثاق – من خلال تفعيله للحياة المدرسية- يهدف إلى التحرر من التصورات المركزية والروتين الإداري والسعي نحو التجديد والتطوير والحداثة والتعلم الذاتي، فتتفتق قريحة المتعلم ومخيلته الإبداعية، وتصقل مواهبه عن طريق مشاركته في الأنشطة الرياضية والثقافية والفنية والاجتماعية .......



[1] لسان العرب لابن منظور، ج:14 مادة( حيا ) ص: 212،دار صادر بيروت. 
[2] الدليل المرجعي للحياة المدرسية2007 ،ص:4 
[3] الميثاق الوطني للتربية والتكوين، ص:11 المادة:9. 
[4] الميثاق الوطني للتربية والتكوين، ص:11المادة:9. 
[5]"هو نشاط تواصلي يتم بين التلميذ والمدرس داخل إطار منظم ووفق معايير ومقاييس محددة" بيداغوجيا الدعم، خالد المير وآخرون . سلسلة التكوين التربوي ،ع:6.ط:1997.ص:75. 
[6] " هو نشاط ذاتي يزاوله الفرد طوال حياته دون أن يكون مشروطا بجو نظامي " نفس المرجع . 
[7] ينظر إلى التوجهات الجديدة للتربية، جان بياجي ترجمة محمد الحبيب بالكوش، دار توبقال للنشر، الدر البيضاء 1988.ص:53. 
[8] دليل الحياة المدرسية، وزارة التربية الوطنية والشباب، شتنبر 2004 ، ص:4. 
[9] الدليل المرجعي للحياة المدرسية، نونبر 2007، ص:5 
[10] مصوغة الحياة المدرسية، وزارة التربية الوطنية والتعليم العالي أكتوبر 2004 ، ص:83. 
[11] "الكفايات هي قدرات مكتسبة تسمح بالسلوك والعمل في سياق معين, إنها مجموعة من المعارف والمهارات والاتجاهات المكتسبة والمندمجة بشكل مركب، والتي يقوم الفرد بتجنيدها وتوظيفها قصد مواجهة مشكلة ما في وضعية محددة" الكفايات في التعليم، محمد دريج ،ص:16. 
[12] هي "القدرة على الأداء المنظم المتكامل للأعمال االحركية المعقدة بدقة وسهولة"سلسلة التكوين التربوي ع 6، ص:27. 
[13] المذكرة الوزارية رقم 87،وزارة التربية الوطنية والشباب ، الصادرة في يوم الاثنين، تشرين الأول 15/2007. 
[14] الدليل المرجعي للحياة المدرسية ، نونبر 2007، ص:6 
[15] دليل الحياة المدرسية ، دجنبر 2008، وزارة التربية الوطنية والتعليم العالي وتكوين الأطر والبحث العلمي، مديرية التقويم وتنظيم الحياة المدرسية والتكوينات المشتركة بين الأكاديميات ملحقة للاعائشة ، حسان، الرباط،ص:20. 
[16] الدليل المرجعي للحياة المدرسية ، نونبر 2007 ، ص:7.

0 التعليقات:

إرسال تعليق