time GMT

الخميس، 19 يناير 2012

السلفيون المغاربة يستعدون لتأسيس حزبهم



انبثقت من رحم التيار السلفي بالمغرب حركة سلفية جديدة تسمى "الحركة السلفية المغربية من أجل الإصلاح". أصحاب هذا المولود يسعون إلى الخروج عن التوجه السلفي السائد المرتبط بالأشخاص والرموز، في أفق حزب سياسي على شاكلة التيار السلفي المصري، الذي تحول من حركة دينية إلى حزب سياسي قائم على مرجعية دينية بحتة، وفازت قائمته بالمركز الثاني في الانتخابات البرلمانية المصرية الأخيرة. فهل تشكل تجربة سلفيي مصر مرجعا لسلفيي المغرب يسيرون على هديه في محاولة المشاركة في اللعبة السياسية، أم أن الأمر يتعلق فقط بتجمع سلفي جديد يسعى إلى تجاوز الخلافات التي طبعت الصف السلفي المغربي؟

أطلق شباب مغاربة ينتمون إلى التيار السلفي المغربي مشروع حركة سلفية جديدة يحمل اسم "الحركة السلفية المغربية من أجل الإصلاح". وأكدت الحركة السلفية الجديدة، في ورقتها التأسيسية، التي حصلت "الحياة" على نسخة منها، أن هذه المبادرة "حركة سلمية وسطية لا تنهج العنف والتشدد والتطرف وسيلة للتغيير أو الإصلاح، وتتمسك بكل الصلاحيات التي تكلفها كل الأعراف والقوانين الدولية والتي تتناقض مع الإسلام ومن أبرزها حق المسلم في التعبير عن رأيه".
وأوضحت الوثيقة أن التيار الجديد يمثل حركة دعوية، أو تيار شبابي إصلاحي يعتمد المنهج الإسلامي في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالحكمة والموعظة الحسنة وذلك في جميع الأصعدة، سيما الدعوية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية وغيرها.
وشددت الوثيقة على أن إنشاء مجموعة من الشباب، ممن يمثلون شرائح المجتمع المغربي، نابع من اعتبار الخيار الإسلامي السلفي المعتدل هو الكفيل والضامن لإيجاد الصوت الصادق المعبر عن رؤاه وتطلعاته.
وتفيد أرضية الحركة الجديدة، بأن هذه الأخيرة تروم من خلال أهدافها "القيام بإصلاح أسلوب التغيير الدعوي والسياسي الحالي، وترشيد العمل السياسي الإسلامي لدى التيارات الإسلامية لكي يتوافق مع الثوابت الشرعية". وأوضحت الحركة أن خروجها إلى الوجود جاء بهدف "تذكير الأمة بالأصول الشرعية التي يجب الانقياد لها في كل مشروع إصلاحي، وتكوين كوادر قيادية للتيار السلفي تسهم فئاته في العمل لصالح الإسلام، والتناصح والتعاون مع باقي القيادات الإسلامية العاملة في الحقل الدعوي بالمغرب".
وشددت الوثيقة التأسيسية على أن الحركة لا تضع في مرتكزاتها تكثير الأتباع والمنتمين إليها، لكنها تحرص على صنع رأي عام "يحتشد وراء المبادئ والأصول، وفي مقدمتها تحكيم شريعة الإسلام". وناشدت الحركة الوليدة ما أسمته "المخزن المغربي" وصانعي القرار باتخاذ الإجراءات اللازمة لتجنيب المغرب منزلقات التردي والفوضى.
ولم تختلف ورقة المشروع عن أرضية مشروع  تيار سلفيي مصر، الذي حمل نفس الأسباب ونفس الأهداف التي دفعت بأصحابه إلى الخروج إلى العلن، قبل الانتقال إلى حزب النور السلفي الذي فاز بالمركز الثاني في الانتخابات البرلمانية. وفي هذا الخصوص، أكدت مصادر أن التحرك السلفي المغربي الأخير يعطي الانطباع بأنه يسير على خطى حزب النور السلفي. وهذا ما كشف عنه أحد أعضاء "الحركة السلفية الجديدة من أجل الإصلاح"، حين قال إنه من المحتمل أن يتحول هذا التيار إلى حزب سياسي يضم بين صفوفه معتقلين سلفيين سابقين، وسلفيين محسوبين على دور القرآن، وسلفيين تقليديين. إلا أن المتحدث ربط هذا الخيار بطبيعة الأجواء التي تجري فيها الانتخابات، سواء التشريعية أو الجماعية، سيما وأن الانتخابات التشريعية الأخيرة، يقول المصدر ذاته، لم تستجب لآمال الشعب، ولم يسبقها أو يصاحبها أي تغيرات أو إشارات تنبئ عن رغبة جادة لإعطاء الشعب حقه في المشاركة الفعالة واتخاذ القرار وتكافؤ الفرص.
وأكد مصدر مطلع أن من المؤسسين لهذه الحركة جلال المودن، أحد تلامذة الشيخ أبو حفص، وأبو سليمان السرغيني، وعدنان وادي. وكشف المصدر ذاته أن أعضاء الحركة تلقوا عروضا للانضمام إلى أحزاب ذات مرجعية إسلامية، كالنهضة والفضيلة، والحركة من أجل الأمة، إلا أنهم فضلوا التكتل في إطار جمعوي، قبل تأسيس حزب سياسي لا يختلف عن الأحزاب ذات المرجعية الإسلامية، خصوصا وأن اللقاءات التي جمعتهم بالشيخ محمد الفيزازي حملت لهم تشجيعا للسير في اتجاه المشاركة في اللعبة السياسية، يقول المصدر ذاته.
ورفض جلال المودن، أحد أبرز مؤسسي الحركة السلفية الجديدة، الإفصاح عن نية الفعاليات السلفية التي بادرت إلى إنشاء التيار الجديد، في تحويله إلى حزب سياسي يشارك في اللعبة السياسية، حين قال: "هذا ليس من طموحاتنا الحالية". لكنه عاد ليؤكد، في تصريح لـ"الحياة"، أن مشروع أرضية الحركة يشير إلى عدم سعي أصحابها إلى الانتقال بها إلى حزب سياسي، وإنما الهدف منها هو تحسيس الدعاة بمسؤوليتهم تجاه المجتمع، وضرورة التحرك والمبادرة من أجل الإصلاح والتغيير. وشدد المتحدث على أن مؤسسي الحركة ليست لهم مصالح معينة، ولا يسيرون وفق أجندات مسيسة خارجيا.
ويضيف المودن أن الضرورة صارت ملحة لجمع شمل الصف السلفي، والقطع مع التشرذم والصراعات، واختصار الفكر السلفي في الرموز والأشخاص، وذلك بإحياء فكر سلفي جديد بقراءة جديدة وفق معطيات العصر.
وفي تعليقه على خروج هذا التيار السلفي الجديد، قال الباحث في شؤون الجماعات الإسلامية محمد ضريف، في تصريح لـ"الحياة"، إن "الإشارات التي أطلقها محمد الفيزازي، أحد شيوخ السلفية الجهادية، بكونه قريبا من تأسيس حزب سياسي، وكذا الأخبار القادمة من مصر والتي تفيد بأن تيارات إسلامية انخرطت في العملية السياسية، تحت غطاء حزبي، كانت عوامل دفعت بهؤلاء إلى إنشاء هذه الحركة في انتظار تأسيس حزب سياسي". وعن حذر مؤسسي الحركة في الإفصاح عن برنامجهم الكامل، قال ضريف: "من البديهي أن لا يفصح مؤسسو هذا التيار عن نواياهم وطموحاتهم السياسية، لارتباط منهجيتهم بعوامل الوقت ومبادئ  تنظيمية".
"الحركة السلفية المغربية من أجل الإصلاح" اختارت الفضاء الإلكتروني للإعلان عن ميلادها. فقد أطلقت صفحة خاصة على الفايسبوك، انضم إليها حتى الآن أكثر من 2300 عضو، وفيها كشفت عن رغبة أعضائها في تأسيس جمعية وطنية قانونية للدفع بالعمل الإسلامي. كما تكشف الصفحة محاولة المؤسسين استقطاب منتسبين جددا للحركة، عبر دعوة وجهتها إلى الراغبين في الدفع بالحركة السلفية بالمغرب إلى الأمام، بتعبير الساهرين على الصفحة. وهذا ما يتناقض مع ما أشارت إليه الوثيقة التأسيسية، حين قالت إن "الحركة لا تضع في مرتكزاتها تكثير الأتباع والمنتمين إليها، لكنها تحرص على اصطناع رأي عام يحتشد وراء المبادئ والأصول وفي مقدمتها تحكيم شريعة الإسلام".
وأشارت الحركة في صفحتها على الفايسبوك إلى أن الشيخ محمد الفيزازي التقى أعضاء الحركة في اجتماع احتضنه مقر حزب النهضة والفضيلة بالرباط، وناقش فيه الفيزازي التصورات والأسس الكفيلة بإنجاح أي حركة إسلامية، كما أبدى استعداده لدعم الحركة والنهوض بها إلى الأمام. وهو ما يشير إلى إمكانية أن يقود "شيخ السلفيين"، الذي غادر السجن إثر عفو ملكي، هذا المولود السياسي القادم في زمن "الصعود الإسلامي".

0 التعليقات:

إرسال تعليق