time GMT

الخميس، 19 يناير 2012

فاطمة الإفريقي: الفساد الأكبر هو الذي يوجد داخل الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة



في هذا الاستجواب، تتحدث الإعلامية المغربية فاطمة الإفريقي بكل جرأة عن الوضع الذي تعيشه القناة التلفزية الأولى، حيث تشتغل. معدة ومقدمة برنامج "عتاب"، بالقناة الأولى، لم تخف نقدها الشديد لكيفية تعامل إدارة الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة مع شركات الإنتاج، التي قالت إن أغلب أعمالها لا تتوفر فيها شروط الجودة المطلوبة. وذهبت الإفريقي إلى حد الحديث عن "لوبيات" قالت إنها تتحكم في برامج التلفزة من خارج الشركة. الإعلامية التي عرف عنها مساندتها لحركة 20 فبراير ومشاركتها في تظاهراتها ومسيراتها، تؤكد لـ"الحياة" أنها مازلت تساند هذه الحركة من أجل التغيير وإسقاط الفساد والاستبداد. كم من "عتاب" من طرف فاطمة الإفريقي يستحقه ما تنتجه القناة الأولى من برامج وأفلام ومسلسلات؟ بصراحة، وكي لا أكون مجحفة في حق زملائي في القناة الأولى، هناك برامج تستحق التنويه والتصفيق. لكن العتاب الكبير هو لمن يخطط للبرامج، ولمن يضع اسراتيجية للبرامج التلفزية. المؤسف في القناة الأولى هو أن الإنتاجات الجيدة تمر عابرة، لا نعطيها القيمة التي تستحق. "ماكنفرحوش بإنتاجنا الوطني". لا أعلم هل للقناة الأولى مشكل في طريقة الدعاية لبرامجها؟ فالبرامج المتميزة تبث في وقت غير مناسب. لهذا، يتم إحباط المشرفين عليها. وفي المقابل، فإن البرامج الرديئة جدا هي التي يسلط عليها المزيد من الضوء، وهي التي توضع في الواجهة.وهذه هي المفارقة العجيبة التي تعيشها القناة الأولى، والتي لا أفهمها. إذا قمنا بمقارنة بسيطة بين البرامج التي تبثها القناة الأولى وتلك التي تبثها القناة الثانية، ماذا سنستنتج؟ القناة الثانية تعرف كيف تحتفل بإنتاجاتها، وكيف تسلط عليها الضوء وتمنحها قيمة مضافة. وحتى إذا كانت بعض إنتاجاتها متوسطة أو لابأس بها، فالقناة الثانية تعلم جيدا كيفية تسويقها عن طريق البث المناسب والدعاية الجيدة. أما ما يبث على القناة الأولى، وللأسف، من برامج أو أفلام فغالبا ما تتسم بالرداءة. أما الجيد، فيقتل مع سبق الإصرار والترصد. هل يمكن أن تحددي نوعية هذه البرامج الرديئة الذي تبثها القناة الأولى؟ في الحقيقة، لا أود أن أتجنى عن البرامج التي تبث على شاشة القناة الأولى. الرديء واضح والجيد كذلك. والمؤسف أن البرامج الرديئة هي التي تنتجها شركات الإنتاج التي تصرف عليها الأموال الطائلة من المال العام، وهي التي تقدم لها كل الإمكانات وكل الوسائل التقنية والبشرية، ولكنها لا تخضع للمراقبة من مسؤولي القناة الأولى، فليس هناك إصرار من طرف مسؤولي القناة على شروط الجودة. وهنا، يمكن القول إن أغلب البرامج الرديئة هي تلك التي تصدرها شركات الإنتاج. لكن هناك استثناءات بسيطة لبعض البرامج التي تنتجها شركات الإنتاج وتخضع لمبدأ الجودة، وهي تكون غالبا تحت إشراف ابن الدار. هل يمكن القول إن جل شركات الإنتاج هدفها الأساسي من البرامج التي تنتجها هو فقط الاغتناء؟ أنا ليس لدي أي مشكل في أن تغتني شركات الإنتاج من القنوات الوطنية. "بالصحة والراحة"، لكن المشكل عندي أنا شخصيا هو أن مقابل ذلك المال الذي تمنحه إياها القناة العمومية يجب أن يرد من طرف شركات الإنتاج بعمل جيد يتوفر على شروط الجودة. وهنا، عندما نتكلم على الجودة ليس فقط جودة المضمون وإنما، أيضا، الصوت، التعليق، الصورة، أي الشكل الفني للبرنامج. وهذا ما تفتقره القناة الأولى على وجه الخصوص. وكما قلت لك ليست هناك صرامة من طرف مسؤولي القناة الأولى على شرط الجودة في الإنتاجات التي تنتجها الشركات. كيف تقيم فاطمة الإفريقي المشهد السمعي البصري بعد عملية التحرير التي انطلقت منذ حوالي 10 سنوات؟ هناك تحرير على مستوى الإذاعة وليس التلفزيون. صحيح أن هناك تحسنا في المنتوج الإذاعي، ببرامج جيدة وفي المستوى، وبالتالي أصبحت المنافسة عالية جدا بين القطاع العام والقطاع الخاص. كما أن تنوع الإذاعات الوطنية منح للمستمعين فرصة اختيار البرامج التي تناسب أذواقهم. أما في ما يخص المجال التلفزيوني، فمازال هناك احتكار القطاع العمومي للقنوات التلفزية، فمازلنا لم نشاهد قناة خاصة. فحينما ينفتح قطاع السمعي البصري على القنوات الخاصة، آنذاك يمكن أن تكون هوية جديدة للمشهد التلفزيوني المغربي. ولذلك، فإن سيطرة السلطة أو الحكومة على المشهد السمعي البصري جعلنا نشاهد نمطا واحدا من البرامج ومشاهد مملة. وأتمنى مستقبلا أن تكون هناك تعددية في القنوات التي تنفتح على المشاهد وتعمل على سياسة القرب أكثر. عدم رضاك على ما يبث في القناة الأولى دفعك إلى القول إنك تخجلين من انتمائك إلى دار لبريهي، كيف ذلك؟ من كثرة ما أشاهد من رداءة في القناة الأولى، أحرج أمام الناس الذين يعاتبون القناة من خلالي... وما هي الجوانب التي بستهدفها العتاب؟ ينتقدون طرح بعض المواضيع في برامج القناة الأولى، ويصل الحد ببعضهم إلى وصف تلك المواضيع بالبلادة. كما ينتقدون المدة الزمنية الطويلة للأخبار، بالإضافة إلأى العديد من الأمور. يوميا، أتلقى انتقادات من الشارع، الأمر الذي يجعلني أخجل من انتمائي إلى القناة وفي الوقت ذاته يجعلني أطرح سؤال "علاش باقي كاين هاد التلفزيون أصلا"؟. ربما هذا الخجل نابع من حب، وربما ترجع حدة هذه القسوة على القناة الأولى إلى أنني أحبها، فما يربو على 20 سنة وأنا أشتغل بداخلها، وهي التي صنعت مساري المهني، ولذلك، أود أن أرى هذه المؤسسة في مستوى ليس أقل من 2M أو منMEDI1 TV . ألم يجعلك هذا الخجل من الانتماء إلى القناة الأولى تفكرين في تقديم استقالتك من القناة والالتحاق، مثلا، بمؤسسات إعلامية خليجية؟ ظروفي العائلية واختياراتي الفكرية لا تخول لي العمل في القنوات الخليجية. ومن المستحيل أن أهاجر المغرب بحكم أسرتي الصغيرة التي تعودت على الاستقرار في المغرب، ولا يمكنني أن أدوس على استقرارهم من أجل أن أحقق طموحا مهنيا شخصيا، رغم أنني أحلم أن أعد وأقدم برامج في المستوى. لكن القنوات الخليجية توفر لمن يشتغل بها ظروفا جيدة من مال وسكن وتغطية صحية... من أجل إنتاج برامج في المستوى؟ لا أبحث عن المال بقدر ما أبحث عن المهنة وعن عمل شيء لهذا البلد. لدينا كفاءات وطاقات داخل القناة الأولى، "اللي يمكن تديرالعجب"، لكنها مهمشة. لا يمكن تصور عدد المبدعين داخل القناة، والذين يستغلون، للأسف، من طرف شركات إنتاج دولية. وبرأيك ما سبب تهميش الكفاءات المغربية التي تتوفر عليها القناة الأولى؟ تهميش وقتل الطاقات راجع إلى رغبة المسؤولين في تشغيل شركات الإنتاج. فعندما يعين مدير شركة إنتاج على رأس القناة الأولى، ما هي الاستراتيجية التي سيأتي بها؟ الجواب هو تشجيع شركات الإنتاج بسلبياتها، وتهميش أبناء الدار من كفاءات... يمكن أن تقدم فكرة برنامج ما، لكن عوض أن ينتج من داخل القناة يتم منحه إلى شركات الإنتاج التي تخلق في 24 ساعة. أصبحنا أمام عدد هائل من شركات الإنتاج التي تتحكم في القناة الأولى. هل يمكن القول إذن إن هناك لوبيات خارج القناة الأولى هي التي تتحكم في برامجها؟ تماما، هناك لوبيات خارج القناة تستفيد منها. ويمكن القول، أيضا، إن اقتصاد الريع يسود في القناة الأولى. إذ يمكن إعطاء رخصة برنامج أسبوعي أو يومي داخل القناة الأولى وتصبح مليونيرا في شهر. فالأموال التي تستفيد منها تلك اللوبيات دون أن تنتج برامج تتوفر على شروط الجودة خيالية. كيف تنظرين إلى الاستراتيجية التي تعتمدها القناة الأولى في برامجها؟ المؤسف، أن القناة الأولى لا تخطط للبرامج التي تريد، ليست لديها استراتيجية واضحة. فأن تضع القناة، مثلا خلال هاته السنة، تصورا لبرامج تهم المواطنة أو الاقتصاد أو النقد والجدل الفكري، هذا أمر غير وارد البتة. شركات الإنتاج هي التي تتحكم في كل شيء. وبرمجة القناة الأولى لا تخضع لأي منطق. العمل في القناة عشوائي. هل مازلت تساندين حركة 20 فبراير؟ نعم، مازلت أساندها، لأنني واحدة من المغاربة الذين يريدون التغيير وإسقاط الفساد والاستبداد. مطالب حركة 20 فبراير هي جزء من مطالب الشعب المغربي. وكلنا 20 فبراير، نريد بلدا يتمتع بالحرية والكرامة والعدالة في جميع المجالات. ويجب أن نكون يقظين اتجاه وطننا من أجل دفع عجلة التنمية والإصلاح إلى الأمام. وكيف ترين مستقبل الحركة بعد خروج جماعة العدل والإحسان منها؟ الحركة ليست ملكا لأحد. الحركة صنعها الشعب المغربي بكل اختلافاته الفكرية. الشعب الذي يطمح للتغيير من جميع الجهات والمدن المغربية. المهم هو أن تستمر يقظة الشعب المغربي من أجل المطالبة والضغط لتحقيق المزيد من الإصلاحات. كيف ترين المشهد الإعلامي في ظل تعيين وزير الاتصال من حزب العدالة والتنمية؟ أكيد أن لديه مائة حسنة يريد تطبيقها. فشعارهم داخل الحزب هو إسقاط الفساد. وأكبر فساد يوجد في البلاد هو الذي يسود في الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة. وإذا كانوا بالفعل يرغبون في محاربة الفساد، فوجب على الشركة الوطنية أن تخضع للمحاسبة. لكن المشكل الأساسي هو أن القطب العمومي يوجد خارج مراقبة الحكومة، لأن المدير العام للقطب العمومي يعين من طرف الملك. والأمور واضحة، فلا يمكن محاسبته. ثم إن الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة سلطة خارج كل السلط. وأن تكون على رأسها يجب أن تكون داخل المربع الملكي وأن تحظى بثقة الملك من أجل تسيير مؤسسة مثل SRNT. ماهي أهم المشاريع المستقبلية لفاطمة الإفريقي؟ قمت بتقديم مشروع ضخم للقناة الأولى حول احتفالية القناة الأولى بمرور 50 سنة على تأسيسها. لكن، لم أتلق أي جواب إلى حد الآن، ربما لا تهمهم 50 سنة من الاشتغال، أو ربما يودون طمس ذاكرة التلفزيون الذي صنع نجوما كثيرة. على كل حال، أنا أنتظر الجواب. العتاب الكبير هو لمن يخطط للبرامج، ولمن يضع اسراتيجية للبرامج التلفزية. المؤسف في القناة الأولى هو أن الإنتاجات الجيدة تمر عابرة، لا نعطيها القيمة التي تستحق. "ماكنفرحوش بإنتاجنا الوطني". لا أعلم هل للقناة الأولى مشكل في طريقة الدعاية لبرامجها؟ البرامج الرديئة هي التي تنتجها شركات الإنتاج التي تصرف عليها الأموال الطائلة من المال العام، وهي التي تقدم لها كل الإمكانات وكل الوسائل التقنية والبشرية، ولكنها لا تخضع للمراقبة من مسؤولي القناة الأولى، فليس هناك إصرار من طرف مسؤولي القناة على شروط الجودة.
عن الحياة

0 التعليقات:

إرسال تعليق