time GMT

السبت، 12 نوفمبر 2011

ظاهرة العقاب البدني واللفظي في التربية ذ. عزيز بوستّـا

رغم أن موضوع العقاب في التربية طُرح للنقاش من طرف مختلف الفاعلين في الحقل التربوي، على المستويين الوطني والعالمي منذ عقود، كما اهتم به المفكرون في الحضارات السابقة؛ الإسلامية واليونانية وغيرها، فيما نسميه بالأدبيات التربوية، إلا أنه رغم ذلك، مازال يحتفظ بأهميته وراهنيته للأسباب التالية:
1 ـ مازال العقاب البدني واللفظي سائدا في مؤسساتنا التربوية باختلاف مستوياتها الأولية والأساسية وغيرها.
2 ـ ظاهرة العنف (المرتبطة بالعقاب) لا يخلو منها أي بلد في العالم، وقد بلغت درجات قصوى في بعض البلدان الغربية تمثلت في إطلاق النار على التلاميذ والمدرسين...
3 ـ كنا قبل العقد الأخير نستنكر ظاهرة انتشار صور العنف في الأفلام والرسوم المتحركة التي يشاهدها الأطفال، فأصبحنا اليوم نُقذف بآلاف صور العنف والتقتيل الحية والواقعية والمبثوثة مباشرة أحيانا عن أطفال ونساء وشيوخ يُقتلون ويُقطعون أشلاء، فيما يمكن أن نسميه عقابا جماعيا للشعبين العراقي والفلسطيني...
موضوع العنف والعقاب إذن، جدير بأن يحتل صدارة نقاشاتنا، وما دمنا نعمل بالمجال التربوي، سنقتصر على تحليل البعد التربوي لهذه الظاهرة.
I ـ مظاهر العقاب في المؤسسات التربوية وأسباب وجودها:
لا بد من الإشارة – في البداية- إلى النقص الكبير في البحوث التربوية الميدانية التي أُنجزت حول هذا الموضوع، بحيث لا نملك رصداً دقيقا للحجم الحقيقي لهذه الظاهرة في مؤسساتنا التربوية، ليس هناك سوى بحوث متواضعة تشمل التعليم الابتدائي فقط، أما التعليم الأولي فلا زال في حاجة إلى دراسات علمية ميدانية. كما يجدر التنبيه إلى الصعوبات الكبيرة التي تعترض كل من يريد دراسة هذا الموضوع دراسة علمية موضوعية، فلا الاستمارات ولا الاستبيانات ولا الاستجوابات كافية لجمع معطيات جاهزة عنه، لأنه يتعلق بموضوع "محرم"، يصعب الإدلاء بالرأي الصريح حوله، كما يصعب على الباحث أن يستطلع رأي الطفل أو موقفه منه، أو أن يعرف حقيقة ما يتعرض له الطفل من عقوبات، لأن الباحث يظل بالنسبة للطفل شخصاً غريبا وممثلا في نفس الوقت لسلطة الراشد... وحتى استجواب الآباء واستطلاع آرائهم حول هذا الموضوع يخضع لمؤثرات ذاتية قد تُضخِّم منه نظرا للروابط العاطفية بين الآباء وأبنائهم، أو عكس ذلك قد تستهونه إذا كان الأب سلطويا في تعامله مع أبنائه...
رغم النقص الملحوظ في دراسة هذا الموضوع ميدانيا، يمكننا القول من خلال ملاحظاتنا التلقائية وخبراتنا الشخصية، ومن خلال خلاصات بعض الدراسات التي أجريت في التعليم الابتدائي (1)، أن ظاهرة العقاب العنيف مازالت منتشرة في مؤسساتنا التربوية، وتأخذ عدة مظاهر منها:
1 ـ العقاب البدني بأدوات معينة كالعصي والحبال والمساطر وغيرها، أو باللطم والصفع والقرص...
2 ـ العقاب العنيف دون استخدام أدوات: كإيقاف الطفل خلف الباب، أو في مواجهة الحائط الخلفي للقسم مع رفع إحدى رجليه أو دون رفعها لمدد متفاوتة.
3 ـ العقاب اللفظي المتمثل في السّب والشتم والاستهزاء والسخرية...
4 ـ العقاب بالإهمال وعدم إعارة أي اهتمام لما يقوم به الطفل من أعمال ونشاطات تربوية وتعلمية...
5 ـ العقاب بالتنقيط (نقطة الصفر، النقطة الموجبة للرسوب)
6 ـ العقاب بالواجبات والفروض، كإرغام الطفل على كتابة كلمة أو جملة أو فقرة عشرات أو مئات المرات.
7 ـ <<العنف النفسي وفرض الرأي بصفة تسلطية وكبت حرية التعبير>>(2).
ـــــــــــــــــــــــــ
*هذا المقال هو عبارة عن عرض قدم في ندوة (العقاب اللفظي والبدني بالمؤسسات التعليمية)التي نُظمت بمركز تكوين المعلمين والمعلمات بطنجة، في إطار الملتقى السادس للتواصل بين التعليم الأولي والسلك الأول من التعليم الأساسي من 24 إلى 26 أبريل 2003.

0 التعليقات:

إرسال تعليق