time GMT

الجمعة، 11 نوفمبر 2011

الانتخابات المغربية بين القضاء و الداخلية


ما إن ا أنهت الأحزاب السياسية المغربية ملحمة "نعم" بكثير من الانخراط الحميمي في اللعبة مع أجهزة الدولة،  متفادية كل ما يفرقها من مرجعيات و أدبيات و جهات نظر من اجل عيون الدولة حتى وجدت نفسها وجها لوجه في صراع محموم نحو زعامة المشهد السياسي بعد الانتخابات المقبلة في ظل الدستور "الجديد".
و هكذا عادت الاحتكاكات السياسية و الملاسنات اللفظية  لتطفو من جديد ، فأضحت المنابر الإعلامية عامة و الحزبية خاصة مسرحا لتبادل الاتهامات حول الشرعية الديمقراطية و الأحقية في الانخراط في المسلسل الديمقراطي الجديد كما هو الحال بين حزب الجرار و حزب المصباح ،كمثال واضح على هذا الصراع.
إن الخوض في هذه الخلافات كلها ،رغم جديته ، يجانب إلى حد بعيد الإكراهات الحقيقية التي تعترض استحقاقات انتخابات ذات مصداقية  وصدق كبيرين في التعبير عن طموحات الشعب المغربي .
إن أي عملية انتخابية لا يمكن أن تحقق معايير الحد الأدنى من النزاهة و الشفافية إلا إذا أسندت مسؤوليات إعدادها والسهر عليها إلى جهات بريئة الذمة ، تحظى بثقة الجميع ، و لم يشر إليها سابقا بأي تهمة من التهم الانتخابية ذائعة الصيت في المشهد "الديمقراطي" المغربي.
و في هذا الصدد يمكن الحديث عن سيناريوهين اثنين ،إما أن تتولى وزارة الداخلية المهمة كالمعتاد ، و إما أن تكون هذه الانتخابات تحت إشراف كامل من طرف السلطة القضائية .
إن إشراف الداخلية على العمليات المتعلقة بالاستحقاقات الانتخابية  شابته ، ومنذ فجرالاستقلال شوائب جمة، تبدأ من التقطيع الانتخابي للدوائر، و الذي لا تجد له الغالبية العظمى من المتتبعين سندا منطقيا ، وغالبا ما يخرج عن المعايير المتعارف عليها بهدف ترجيح كفة جهة دون الأخرى آو التضييق على مرشحين بأعينهم . لتلي ذلك المراجعة العامة و الاستثنائية للوائح الانتخابية : و هنا ، لا بد من الإشارة إلى أن تقاعس عدد كبير من الموطنين عن تتبع طلبات تسجيلهم يفتح الباب لذوي النيات المبيتة للعبث بها و استغلالها في ممارسات لا تخدم الديمقراطية أبدا … لتنتقل الأمور بعد ذلك إلى" الغوثة" الكبرى : الحملة الانتخابية والتي تتطلب معايير و مقومات أخلاقية سواء من طرف الأحزاب في مواجهة بعضها البعض أو من طرف الدولة كجهة ينتظر منها حياد (ليس سلبيا بطبيعة الحال) ، قبل أن يحل يوم التصويت ، وفيه أيضا ممارسات تقترفها الأحزاب نفسها كالضغط على الناخبين و استعمال المال الحرام لاستمالتهم.  اضافة الى بعض حالات تزوير النتائج سواء أثناء عمليات الفرز أو خلال إعداد المحاضر الانتخابية.
كل هذه المعطيات تجعل من أم الوزارات حكما غير نزيه ولا يمكن استئمانه على أية انتخابات تشريعية كانت أم جماعية.
إذن يبقى القضاء كسلطة "مستقلة" الجهة المثلى للإشراف على الانتخابات  ، لكن الجسم القضائي  و بشهادة أهله قبل غيرهم، جسم موبوء تنخره حالات صارخة من الفساد ،  يؤثر في أحكامه المال و الوساطات مما يجعله قضاء يكرس المحسوبية ويوفر الحماية للجناة النافذين من أصحاب المال و السلطة ضدا على المساطر و القوانين.
إن ما جاء به الدستور المعدل من إصلاحات تهم استقلال القضاء لا ترقى إلى تحقيق الاستقلال الكامل ، لمجموعة من الاعتبارات ، مما يجعل القيام بالإصلاحات اللازمة  أمرا مطلوبا بل حتميا و على وجه السرعة والاستعجال قبل الخوض في أية عمليات انتخابية.
 وهنا يذكر بان ما تدوول و يتداول بين الأحزاب من نقاشات حادة حول موعد الانتخابات نقاش معقول  ، فالوقت غير كاف لإنجاز استشارات انتخابية يمكن اعتبارها مصيرية في تحديد معالم المستقبل السياسي للمغرب ، فلا يمكن ان نطمح إلى انتخابات نزيهة في ظل الداخلية كطرف غير محايد ، ولا في ظل قضاء لم يتعاف بعد من تبعيته ومشاكله الجلية.
 وختاما ، يمكن القول إن النقاش الحقيقي بين لأحزاب السياسية ينبغي أن  ينصب حول الآليات الكفيلة بتطهير الانتخابات من ممارسات الأحزاب السياسة ، وكذلك من الممارسات السلبية للسلطة في تعاطيها مع العملية الانتخابية ككل ،كما يجب التركيز على توعية المواطن بضرورة المشاركة السياسية و إكسابه المناعة الكافية ظل كل الممارسات التي تستهدف التأثير اللامشروع في اختياراته عن طريق منحه ضمانات تكسبه الثقة في العملية الديمقراطية برمتها و تشعره بمسؤوليته المتمثلة في منح صوته لمن يستحقه . فالمواطن الصالح لبنة اساسية في بناء الديموقراطية و صلاح المسؤوول من صلاح المواطن.

ايمن ايت علي

0 التعليقات:

إرسال تعليق