time GMT

الأحد، 27 مايو 2012

الشخصية وأنماط التعلمات

1ـ الشخصية

إن معرفة مفهوم الشخصية(شحصية الكائن الإنساني عامة)،تبقى من الامور الهامة، في ممارستنا التربوية و التعليمية، حيت هناك تلازم ما بين خصائص هذه الشخصية و المواضيع المعرفية المفروض تعلمها عند الفرد . وكما هو معروف فإن الادبيات النفسية تزخر بعدة تعاريف لمفهوم الشخصية ، سنقتصر فقط على ثلاثة مقاربات لمفهوم الشخصية ، نعتبر ها شاملة ، إلى حد ما:

يعرف Sheldon الشخصية باعتبارها تركيب دينامي لمظاهر فيزيولوجية من جهة ، ومظاهر حركية ووجدانية ومعرفية من جهة أخرى [1976 ،P.Fraise] أما الشخصية حسب جان كلود فييو J.C Filloux فهي تتميز بأربع خصائص أساسية : إنها فريدة من نوعها ، هي عبارة عن نظام متكامل ،إنها زمنية ترتبط بشخص يعيش تاريخا معينا، وأخيرا، إنها بمثابة متغير وسيط ، وليس مجرد ارتباط ميكانيكي
بين المثيراث والاستجابات ، حيث تتأكد كأسلوب من خلال وبواسطة التصرف[ 1980، Filloux ] ، أما بالنسبة لـ روبير كانيي Robert M.Gagné فإن الشخصية من حيث تصرفاتها و إنجازاتها تتحدد من خلال خمس قدرات:الإخبار اللفظي، المهارات العقلية،
المواقف، وأخيرا، المهارات الحركية. وإن الشخصية ، في آخر تحليل،هي تركيب دينا مي بين عدة مكونات معرفية/ذهنية ووجدانية وحس-حركية (فيزيولوجية)؛ حيت على أي تدخل تربوي تعليمي أن يراعي هذه المعطيات والأبعاد الثلاث في شخصية الفرد الإنساني.وهذا ما سنحاول التطرق إليه من خلال التعرف على المعطيات المعرفية الممكن تعلمها واكتسابهما حسب صنافة بلوم و السيكولوجية المعرفية، ومن خلال التعرف على صنافة الأهداف الوجدانية لكراتوول، وأخيرا التعرف على صناعة الأهداف الحسـ حركية لـ هارو Harrow .
2- أنماط المعارف الممكن تعلمها :

يقدم لنا بلوم مع جماعة من الباحتين الأمريكين، صنافة المجال المعرفي التي تشمل أهم المهارات المعرفية والذهنية،وقد حددث في 6 مهارات ذهنية: المعرفة/ التذكر : وهي خاصة بتخزين المعلومات والمعطيات المختلفة وتقييم هذه المهارة تربط بالقدرة على استرجاع تلك المعلومات والمعطيات وتشمل ثلاث مقولات جرئية : تذكر المعطيات الخاصة(مصطلحات ، أحداث خاصة) تذكر الوسائل والطرق التي تمكن المتعلم من استعمال معطيات خاصة( مقاطع ، تصنيفات ، مناهج، معايير...).
تذكر المعارف والمعطيات المجردة( مبادئ ، قوانين ، نظريات...)أما المهارة الثانية ، فهي مهارة الفهم، وهي مهارة عقلية تمكن المتعلم من معرفة ما يتلقاه من المحيط الخارجي من أفكار ومعلومات وإشارات....وتضم ثلاث مقولات صغرى كذلك وهي : التحويل Transposition ،أي تحويل ما تعلمه المتعلم من صيغته الأصلية إلى صيغة أخرى مماثلة في المعنى ، ثم التأويل، أي استعمال المعارف
 والمعلومات والمعطيات التي ثم تعلمها في إطار أو تنظيم مخالف للإطار أو التنظيم التي وردت فيها (أي من زاوية نظر جديدة)؛ وأخيرا ، مقولة التعميم Extrapolation وهو الانتقال بنظرية أو مفهوم أو مبدأ من إطارها الأصلي إلى إطار أوسع أو سحبه على معطيات أخرى مخالفة ؛ والمهارة الثلاثة هي مهارة التطبيق: وتعني استعمال التصورات المجردة في حالات خاصة وملموسة، ويمكن أن تأخذ هذه التصورات شكل أفكار عامة ، قوانين إجراءات ، مبادئ نظريات ... المهارة الرابعة هي مهارة التحليل : وتعني عزل العناصر والأجزاء المكونة لرسالة /معرفة ما ، بحيث تتضح تراتبية الأفكار والعلاقات بين الأفكار، وذلك من أجل توضيح وشرح مضمون الإرسالية المعرفية و تنظيمها ، وكذلك توضيح واستخراج الأسس التي بنيت عليها ،وتقسم مهارة التحليل إلى ثلاث مقولات جرئية كذلك وهي تتجسد في: البحث عن العناصر التي تكون الرسالة أو الموضوع، البحث عن العلاقات الرابطة بين العناصر، ثم البحث عن المبادئ المنظمة للموضوع ككل ؛ والمهارة الخامسة هي مهارة التركيب ، التي تمكن من الجمع والتوليف بين مجموعة من العناصر أو الأجزاء لتشكيل نسق يتسم بالكلية والنظام . وتنقسم بدورها إلى ثلاث مقولات جزئية : إنتاج عمل شخصي، بناء خطة عمل ، اشتقاق مجموعة من العلاقات المجردة ؛ والمهارة السادسة الأخيرة هي مهارة التقييم Evaluation التي تمكن من صياغة أحكام حول قيمة المواد و الطرق المستعملة لأجل تحقيق غرض محدد، وهي إما أحكام كيفية أو كمية تحدد مدى تلاؤم الطرق والمواد مع المعايير المحددة ، وتتم عملية التقييم حسب بلوم من خلال نوعين من المعايير : معايير داخلية ،وتتم من خلال إصدار أحكام انطلاقا من معايير تنتمي للموضوع نفسه ، ثم هناك معايير خارجية والتي تبني أحكاما انطلاقا من معايير خارجية عن الموضوع .( في طرق وتقنيات التعليم...)
هذه أهم المعارف التي يمكن تعلمها كمهارات حسب بلوم ، أما مع السيكولوجيا المعرفية سنرى أولا ،أهم مميزات المعارف الممكن تعلمها واكتسابها ، وثانيا سنرى المعارف التي يمكن اكتسابهما والتي هي ضرورية للأنشطة الذهنية من تفكير وحل المشكلات وتعلم.
إن السيكولوجيا المعرفية تولي اهتماما لأنواع المعارف وبنيتها و وظيفتها ، لذلك فهي تميز بين :المعارف الملموسة والمعارف المجردة (بياجي) وبين المعارف الخاصةو المعارف العامة (Glxzer,Minsky ) وبين المعارف والميتا معارف (Brown-Flavell ) وبين المعارف العلمية والمعارف التصورية(Mounoud ) ،وبين المعارف الإجرائية والمعارف التصريحية(Anderson Wingard) وبهذا الصدد يمكن اعتبار نموذج مونو لاكتساب المعارف، يشكل نموذجا مميزا لكونه يعتبر أن المعرفة لها جانب عملي وجانب صوري ، وهما جانبان متفاعلان ومتزامنان بدرجة متفاوتة.وهو نموذج صالح للتطبيق في حالة النمو والتعلم ، وفي حالة الإشتعال المعرفي وحل المشكلات كذلك ؛ كما أنه على مستوى الإشتغال المعرفي يمكن أن نميز بين المعرفة التصريحية C.dédarative والتي تهتم بالأحداث ، والمعرفة الاجرائية C.Procédurale وهي فعلية أو مهارية 
Savoir- Faire سواء أكانت حس ـ حركية أو ذهنية ،والتي يكتسبها الإنسان والضرورية لكل الأنشطة الذهنية من تفكير وحل المشكلات وتعلم ...و تتحدد حسب السيكولوجيا المعرفية في ثلاثة أنواع أساسية : 
· العمليات الذهنية :
يعرف بياجي العمليات بأنها أفعال كيفما كان نوعها ، والفعل هنا بمعنى عمل ملموس يحدث أثارا معينة ، ويكون دائما أصله حركيا أو إدراكيا أو حدسيا.أما العمليات الذهبية فهي الأفعال الملموسة التي استدمجها الفرد داخليا وأصبحت ذات طبيعة تمثلية ويوظفها في ميادين مختلفة، فهناك العمليات المنطقية التي تكون الفئات أو العلاقات والعمليات الحسابية والعمليات الهندسية والعمليات الميكانيكية والفزيائية... وقياسا بالأفعال فإن العمليات الذهنية هي عمليات تحويل تتخذ صيغة مبادئ وقواعد تطبيقية وتنفيذية تهذف إلى تحقيق مهمة ما .أما نظرية معالجة المعلومات فتتحدث عن الإجراءات (procédures) عوض العمليات، وتعرف الاجراءات بأنها مجموع العمليات المنظمة فيما بينها والقابلة للتنفيذ في شروط معينة للوصول إلى هذف محدد. ونظرا لتعقد المهام والظروف المحيطة بها فإن الأمر يتطلب القيام بأكثر من عملية وإجراء وتعدد العمليات يتطلب تنظيما وتنسيقا بينها لتكون فعالة. وبهذا المعنى يصبح الإجراء قريبا من مفهوم الاستراتيجية، بل أصبح يستعمل مرادفا لها في السيكولوجية المعرفية الحديثة.والاستراتيجية تختلف نسبيا عن الإجراء وبالضبط في كونها إجراءا واعيا ومراقبا، بخلاف الإجراء الذي يكون آليا وغير مراقب.

· المفاهيم :
تعرف نلسون(Nelson) المفهوم بكونه معلومة منظمة غير تابعة مباشرة للمدى الإداركي وقابلة للتسمية؛ وحسب هذا التعريف يشكل المفهوم مجموعة من الخصائص التابتة التي تميز شيئا عن الآخر والمجردة التي ترتبط بكلمة معينة . وتتعلق المفاهيم بالأشياء والأحداث والأفعال وحتى بالعلاقات ،هذه النوع الأخير ( العلاقات) أصعب في تكونها وتعلمها لأنها لاتعرف بخصائص ثابتة، بل بعلاقاتها بمفاهيم أخرى مما يجعلها أكثر تجريدا وتعقيدا من غيرها ويقربها من المفاهيم العلمية (السرعة، الطاقة، الزمان، المكان..)
وقد ارتبطت دراسة المفاهيم في علم النفس بموضوع الفئات التصورية (Catégories conceptuelles) والفئات الطبيعية .والفئة هي صنف يتكون من مجموعة من المعلومات المستقرة والمبنية والممثلة في الخصائص المميزة التي تحدد مدى انتماء عنصر ما لهذه الفئة.
وحسب روش Rosh فإن الفئات أ والأصناف تتلخص في نموذج أ صلي(Prototype) يعتمد مرجعا لتحديد ما إذا كانت حالة خاصة تنتمي أم لالهذه الفئة .كذلك فإن المفاهيم تأخذ شكل خطاطات ( 
shémas) كبنيات لتنظيم الأشياء أو سيناريوهات (script) لتنظيم الأحداث والأفعال.فكل مفهوم يمكن اعتباره في آن واحد فئة وخطاطة.وبحكم ارتباط وتداخل الفئات والخطاطات بشكل تراتيبي فإن المفاهيم هي عبارة عن عقد دلالية داخل شبكة واسعة من الفئات والخطاطات.
· الأنظمة الرمزية :
إن المعرفة تحتاج إلى رموز لتمثيلها والتعبير عنها وتكون بمثابة امتداد لها .وبصفة عامة فإن كل نظام معرفي لمعالجة المعلومات المعرفية يحتاج إلى أنظمة رمزية و لايمكن أن يشتغل بدون رموز للتواصل وحل المشكلات.فالأنظمة الرمزية أدوات ضرورية للمعرفة لصياغتها وتصورها وتبليغها للآخرين .وهي إنتاج اجتماعي ثقافي يتوزع إلى عدة أنماط : الرموز الحركية ، و الرموز الصوتية والرموز الخطية.
فإن المعارف التي يمكن أن يكتسبها الإنسان هي العمليات الذهنية والمفاهيم والأنظمة الرمزية ، وكل تحول معرفي يشمل بالضرورة هذه الأنواع الثلاث من المعارف وتبقى العلاقة بينهما وأهمية كل واحدة في هذا التحول موضوع خلاف حسب الاتجاهات النظرية والمقاربات المعرفية.

0 التعليقات:

إرسال تعليق